الجمعة 03 ديسمبر 2021

الأكثر وضوحاً في بيروت.. غموض استحقاقيْ النيابة والرئاسة

الأكثر وضوحاً في بيروت.. غموض استحقاقيْ النيابة والرئاسة

الأكثر وضوحاً في بيروت.. غموض استحقاقيْ النيابة والرئاسة

لأكثر وضوحاً في المشهد السياسي اللبناني هو الغموض الكثيف الذي يحيط بالاستحقاقيْن الأهمّ على الإطلاق في تحديد اتجاهات الريح في البلاد التي صارت مسكونةً بـ «الزلازل» المالية – الإقتصادية – الإجتماعية وبالعواصف السياسية... الانتخابات النيابية في الربيع المقبل وبعدها الانتخابات الرئاسية في الخريف.

ولم يكن أدلّ على هذا الغموض من «وابل» المواقف التي أطلقها رئيس الجمهورية ميشال عون. من كلامه عن أنه لن يسلّم الرئاسة إلى الفراغ، إلى إعلانه أنه لن يبقى في القصر بعد إنتهاء ولايته، مروراً بقوله أبقى في القصر إذا طلب البرلمان مني ذلك.

الكلامُ عن الإنتخابات النيابية إنحسر أخيراً في إنتظار بت المجلس الدستوري بالطعن الذي قدّمه «التيار الوطني الحر» ببعض مواد قانون الإنتخاب. فالأحزاب والكتل النيابية تنتظر القرار الذي سيحدد أولاً موعد الإنتخابات في نهاية مارس أو في مايو من السنة المقبلة وعلى هذا الموعد ستترتّب الكثير من التحضيرات التي ستقوم بها القوى السياسية.

لكن أياً كان قرار المجلس الدستوري في شأن الموعد، فإن شَبَحَ تطيير الإنتخابات ما زال ماثلاً. وبدأ التداولُ بسيناريواتٍ عدة حيال ما يمكن أن يحصل، إن لم تُجْرَ الإنتخابات في موعدها. فلبنان تعوّد التمديد للمجلس النيابي، كما لرئيس الجمهورية، وتعوّد الفراغ في الرئاسة، والعيش في ظل حكومات تصريف الأعمال، ولذا فإن كل المخاوف حيال مصير مجلس النواب والإستحقاق الإنتخابي مشروعة.

فالبرلمان الذي إنتُخب عام 1972، جدد لنفسه مرات متتالية بفعل الحرب وتَعَذُّر إجراء الإنتخابات. وأول إنتخابات بعد إتفاق الطائف حصلت في 1992، بعدما كان جرى في يونيو 1991 تعيين 55 نائباً بموجب المرسوم رقم 1307 (ملء المقاعد النيابية الشاغرة والمستحدثة) إضافةً للنواب الذين كانوا على قيد الحياة، حيث أصبح عدد مجلس النواب 108 موزَّعين مناصفة بين المسيحيين والمسلمين (كان عدد النواب قبل افتاق الطائف 99 نائباً) ليتم زيادة عدد المقاعد إلى 128 قبل استحقاق 1992.

ثم جرت الإنتخابات النيابية في دورات 1996، 2000، و2005، رغم ما شهدته تلك المرحلة من أحداث أمنية وإغتيالات، وتلتْها إنتخابات عام 2009 ثم 2018 ما يعني ان البرلمان مدد لنفسه ثلاث مرات متتالية بين هذين العامين، الأولى في 2013 وحتى 2015، ومن ثم إلى عام 2017 ولاحقاً ما عرف بالتمديد التقني عام 2018، بعدما جرى الإتفاق على قانون الإنتخاب.

منذ أشهر ولبنان يعيش مخاض قانون الإنتخاب في أكثر من إتجاه. إذ ان «الثنائي الشيعي» أي الرئيس نبيه بري و«حزب الله» كانا يفضّلان تعديلَ قانون الإنتخاب الحالي الذي إعتمد النسبية لأول مرة في لبنان. ولم يعارض التعديلَ الحزبُ التقدمي الإشتراكي أو تيار «المستقبل»، فيما وقف ضده «الثنائي المسيحي» أي «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية». أما في نقاش القانون، فوقفت «القوات اللبنانية» مع بري والكتل الأخرى في الإتفاق على تقريب موعد الإنتخابات إلى نهاية مارس بدل مايو أي موعد إنتهاء ولاية المجلس الحالي، وإلغاء إقتراع المغتربين لست نواب يمثلون ست قارات، وفق ما نص عليه القانون، وذلك لمصلحة إنتخاب المغتربين لـ128 نائباً.

هذه التعديلات عارضها «التيار الوطني الحر» فقدّم فيها طعناً. وهذا يعني انه جرت تداخلات في مواقف القوى السياسية، من القانون والإنتخابات برمّتها، تضاف إلى الأخطار التي تحوط بالإستحقاق في ذاته. إذ كان معروفاً ان برلمان عام 2018 لن ينتخب رئيس الجمهورية الجديد، وان الإنتخابات ستفرز بطبيعة الحال خريطة جديدة للمجلس النيابي الذي سينتخب الرئيس المقبل للبلاد. وهذا الأمر بدأ يطرح تساؤلات حول مصير المجلس النيابي، في ظل مجموعة من الأخطار المحدقة بلبنان وبالإستحقاقات المتتالية من إنتخابات نيابية أو رئاسية، وتالياً مصير الحكومة الحالية.

فالإنتخابات النيابية ستؤدي حُكْماً إلى تقديم الحكومة إستقالتها، أي أنها تصبح حكومة تصريف أعمال، في إنتظار تشكيل حكومة جديدة هي التي ستدير شؤون لبنان في إنتظار إنتخاب رئيس جديد للجمهورية بحال لم يتم ذلك ضمن المهلة الدستورية وحَلَّ الشغور مجدداً. إلا ان الضبابية بدأت تخيّم على الإنتخابات النيابية منذ أشهر، بعدما إرتفع منسوب الضغط الغربي في معرض التشديد على ضرورة إجراء هذا الاستحقاق في موعده، ما يعني ان هذه الدول تخشى سلفاً إحتمال تطيير «نيابية 2022». كذلك فإن رغبة الخارج في جمْع القوى المُعارِضة لـ «حزب الله» والعهد، عَكَسَتْ أهمية هذه الإنتخابات على نحو شبيه بمرحلة عام 2005.
 

جميع الحقوق محفوظة