الأحد 19 ديسمبر 2021

البنوك تصوم عن منح القروض... موقتاً

البنوك تصوم عن منح القروض... موقتاً

البنوك تصوم عن منح القروض... موقتاً

على عكس عادتهم، يبدو أن صانعي السياسة الائتمانية بالبنوك المحلية تخلّوا عن حماستهم المشتعلة عادة لفتح خطوط ائتمانية جديدة مع العملاء، وتحديداً للصفقات الكبرى وتلك المؤثرة في المحافظ الائتمانية، منذ بداية ديسمبر الجاري، للدرجة التي بدأ يدور حديث فيما بينهم أن الوقت قد حان للتوقف عن منح تلك القروض موقتاً، أو أقله إبطاء تدفقها وتحديداً إلى نهاية 2021.

بالطبع، حالة الهدوء هذه، والتي يتفق عليها غالبية المسؤولين المصرفيين، لا تأتي مدفوعة بنقص السيولة المتخمة أصلاً في خزائنهم، وتترقب اقتناص مزيد من فرص الإقراض المشجعة، بل وباختصار لبلوغهم المستويات المستهدفة ائتمانياً عن 2021، ومن هنا تبدأ قصة صيام البنوك موقتاً عن منح 

طلبات التمويل

في بداية كل عام يتجدد اشتعال معركة «أريد عميلاً» بين البنوك، وفي إطار ذلك ينشغل مسؤولو القروض باستقطاب المزيد من طلبات التمويل، بحزم محفّزة للاقتراض، وتناسب جميع العملاء صغاراً ومتوسطين، وبالطبع كباراً، معززين بقوة مراكز السيولة لديهم، والتي تكفي لتغطية الاحتياجات التمويلية المطلوبة، سواء من القطاع الخاص أو الحكومي، بما في ذلك طلبات الدين العام في حال إقراره.

لكن وفقاً لمسؤولين مصرفيين بدأت هذه الشهية تخفت في الأسبوعين الماضيين، وأن الغالبية لم تعد مهتمة بفتح خطوط ائتمانية جديدة لصفقات كبرى، كما كان يعملون منذ بداية العام، رغم أن شيئاً ما لم يتغير في خطط البنوك للإقراض، مع الإشارة إلى أجواء المنافسة المحتدمة مصرفياً، والمرشحة للتوسع قريباً، في سوق يعاني أساساً من نقص فرص الإقراض، التي يمكن من خلالها امتصاص فوائض السيولة المتراكمة مصرفياً، وسط استمرار التحديات التشغيلية التي تواجه البنوك منذ بدء جائحة كورونا، والتي اندلعت تداعياتها منذ مارس العام الماضي.

تحقيق المستهدف ومن الواضح أن شيفرة السر في ذلك مودعة لدى تنفيذيي البنوك، الذين نجحوا وفقاً لمصادر مصرفية في تحقيق المستهدف منهم ائتمانياً عن 2021 خلال الأشهر الـ11 الأولى من السنة، حيث وصلوا بمحافظهم للمعدلات المخططة للإقراض قبل إغلاقات العام، فيما تجاوزت لدى البعض السقف المحدد.

ومن ثم لا يوجد ما يدفعهم للإبقاء على الحماسة المعتادة منهم في التوسع ائتمانياً، لاسيما أن أي قروض جديدة سيمنحونها حتى نهاية العام الجاري ستُبوّب ضمن بيانات 2021.

ولتقف إستراتيجية التوسع بالمحافظ الائتمانية على أرضية أكثر استدامة، يكون من الذكاء المصرفي إجراء بعض التغيير في تكتيك منح القروض «الكبيرة» موقتاً، لصالح التركيز على ترحيلها لبداية العام المقبل حتى لو كانت مطلوبة من الآن، وبذلك يضمن مسؤولو البنوك أن إستراتيجيتهم للإقراض تسير على مسار متصاعد من النمو سنوياً، وليس بالتركز في عام على حساب آخر.

وجهات نظر

ولعل ما يعزّز هدوء صانعي السياسة المصرفية هذه الأيام، والذي يعكس وجهات نظر العديد منهم، خصوصاً الرئيسيين، أنهم نجحوا خلال الأشهر الـ11 الماضية في تحقيق المعدلات التي كانوا يخططون لها «التارجت»، للدرجة التي يمكن القول معها إن النمو القوي في أرباح البنوك الرئيسية، وفي مقدمتها «الوطني»، عن فترة الأشهر التسعة الأولى من 2021 عائد إلى عوامل عدة، يتصدرها نمو القروض والتسليفات، وذلك حسب تصريحات مسؤولي البنك.

كما يبدو أن العملاء، خصوصاً من أصحاب الوزن المؤثر في المحافظ الائتمانية، غير مضطرين للاستعجال في الحصول على تمويلات جديدة خلال الأسابيع الأخيرة من العام، ما يهدّئ مخاوف أصحاب سياسة ترحيل القروض للعام المقبل من انتقال الطلبات «المركونة» لديهم لبنوك أخرى، وتحديداً إذا كانت تربطهم بأصحابها علاقة وطيدة، تضمن قبولهم بتقطيع الوقت معهم حتى بداية العام المقبل، خصوصاً الذين حصلوا على وعود بمنحهم ما يحتاجون من قروض قريباً.

علاوة على ذلك، يبدو من اتجاهات الفائدة عالمياً للعام المقبل ترجيح ارتفاعها قريباً، بعد أن كشف مسؤولو الاحتياطي الفيديرالي الأميركي نهاية الأسبوع الماضي تفضيلهم لرفع أسعارها في 2022 بوتيرة أسرع مما كان يتوقَّعه الاقتصاديون، ما أعطى إشارات قوية لتنفيذيي المصارف زادت وجاهة خططهم للتمهل قليلاً في منح قروض جديدة حتى نهاية 2021.

اعتبار إضافي يدعم هذا التحرك غير المعلن مصرفياً، وهو أن أغلب أنشطة الأعمال في الفترة الأخيرة تعكس التحسن الكبير الذي شهدته البيئة التشغيلية، بدعم من تخفيف القيود والعودة للحياة الطبيعية، في وقت تفرض سياسة المخاطر التي تتسم بالمحافظة من جميع البنوك الكويتية عدم إغفال احتمال تحقق سيناريو انتقال بعض تعقيدات 2021 للعام المقبل، ما يذكي التحركات نحو جعل النمو المستدام للقروض غاية، وليس مجرد حديث مصرفي يُذكر لتجميل البيانات المالية.
 

جميع الحقوق محفوظة