الأحد 28 مايو 2023

الإعلام إبداع... والإبداع لا يعرف القيود

الإعلام إبداع... والإبداع لا يعرف القيود

الإعلام إبداع... والإبداع لا يعرف القيود

احتضن ملتقى الإعلام العربي في دورته الـ18 في الكويت أمس، تحت رعاية سمو الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح رئيس مجلس الوزراء، تحت شعار «20 عاماً من التقارب الإعلامي»، عشرات الشخصيات الإعلامية العربية في مجال الصحافة والتلفزيون من مختلف أنحاء الوطن العربي، الذين انخرطوا في جلسات، تستمر إلى اليوم، وتتناول العناوين التي تقلق الساحة الإعلامية، من قبيل: مستقبل الإعلام - إعلام المستقبل، شغف النجاح الإعلامي، قوة الإعلام وتعدد المصادر، ثنائية الإعلام والحياة، قوة الإعلام، صناعة المحتوى في وسائل التواصل، مستقبل الإعلام في ظل الذكاء الاصطناعي، ماذا فاتنا في الإعلام العربي؟ صناعة المحتوى في الدراما، كلمة وصورة، تأثير التكنولوجيا في تطور واستدامة المجتمعات، الإعلام واستراتيجيات التسويق، دور الإعلام في التنمية الاقتصادية... تجارب واقعية، ولقاء الشعر.

وفي ظل التنوع الهائل في عناوين الجلسات، والتي طغى عليها السؤال القديم المتجدد عن الحريات الإعلامية، والسؤال المستجد في ظل الطوفان الإعلامي والذكاء الاصطناعي، لم يفوت الملتقى الاهتمام الواسع بفئة الشباب، حيث خصص جلسة كاملة للاستماع إلى تجارب بعض الإعلاميين الشباب من مختلف الدول العربية في شأن الصحافة الرقمية، ومنها الفيديو الديجيتال في تغطية مباريات كأس العالم في الدوحة، وفي بعض الأحداث العربية الأخرى.

وتناول المشاركون في الجلسات مستقبل الإعلام التقليدي في ظل التحول الرقمي، والتحديات التي يواجهها العاملون في هذا الحقل ومؤسساتهم.

وليد الجاسم: لا فض فوك يا «اصطناعي»...

ولنعُد إلى زيف الواقع من جديد

 


تفاعل بين الجاسم والمشاركين في الجلسة الأولى	(تصوير نايف العقلة)

 

• وسائل التواصل عملت بلا سقف لذلك توجه الناس إليها بداية والناس تتبع من يلبي طموحاتها

• ليس بالضرورة أن يقلص التحول الرقمي عاملي المؤسسات الإعلامية فإعداد فيديو ناجح يتطلب أحياناً أعداداً أكبر

• يجب أن يكون الإعلامي الناجح من فئة الشباب... ولا أتحرج في الاستفادة من صغار السن

الإعلام هو الإعلام، في الماضي والحاضر والمستقبل، والأزمة الحقيقية التي يعاني منها الإعلام العربي هي أزمة حريات، فالإعلام إبداع والإبداع لا يعرف القيود... بهذه الكلمات استهل رئيس تحرير جريدة «الراي» الزميل وليد الجاسم حديثه في الجلسة الأولى للملتقى، مؤكداً أن «وسائل التواصل الاجتماعي عملت بلا سقف في بدايتها، لذلك توجه الناس إليها بصورة سريعة، والناس تتبع من يلبي طموحاتها، ولو كان فرداً، فيما لا تزال المؤسسات الإعلامية تعاني من القيود، ومن دهاليز القضاء التي قد يدور بها الإعلامي لمدة قد تصل إلى 4 سنوات، وأكثر في حال نشر موضوع وربما يمنع من السفر، وتقف أبسط معاملاته الحكومية وهنا يكون المأزق الحقيقي للعاملين في هذا المجال».

تقييد الحريات

ورحب الجاسم خلال الملتقى بالشخصيات المشاركة بالجلسة الأولى تحت عنوان (مستقبل الإعلام- إعلام المستقبل)، مبيناً أن «وجود هذه الأسماء والشخصيات الكبيرة في الإعلام تجعلني أنتقل إلى تشخيص واقع الإعلام من زاوية أخرى، وهي تقييد الحريات، وقد تتقاطع المصالح المشتركة أحياناً بين المؤسسات التشريعية والحكومية في إصدار قوانين كاتمة للحريات، وهنا لا يمكن للإعلام أن ينمو في ظل هذه القيود».

الإعلامي الناجح

وانتقل الجاسم إلى الحديث عن مستقبل الإعلام، مؤكداً أن الإعلام واحد سواء في المؤسسات التقليدية أو في المنصات الإلكترونية المهم وجود الحرية، مبيناً أن التجارب الحكومية في إطلاق المنصات الإلكترونية لم تنجح، رغم الإنفاق الكبير عليها، «ولنا مثال في بعض الجهات الحكومية التي لم تظهر منصاتها إلا في أوقات الأزمات فقط».

وأشار إلى مواصفات الإعلامي الناجح في المرحلة المقبلة، مشدداً على ضرورة أن يكون من فئة الشباب «وليس نحن من يعلمهم ما هو المطلوب بل ربما نتعلم منهم»، موضحاً «لا أتحرج في أن أجالس أي شاب صغير وآخذ منه وأحرص على مجالسة أصدقاء أبنائي ووالدي لأربط كل الأجيال ببعضها وأستفيد منهم في مجال عملي».

التحول الرقمي

وعن تقليص عدد العاملين في المؤسسات الصحافية بسبب التحول الرقمي وقلة الإعلانات، اعتبر أنه ليس بالضرورة أن يقلص التحول الرقمي عدد العاملين في المؤسسات الإعلامية، فإعداد الفيديو الناجح يتطلب أحياناً وجود نحو 10 أشخاص، يعملون على وضع المؤثرات والمونتاج والمحتوى، فيما أكد أن الإعلام الحالي يجب أن يتغير، مواكبة للتغيرات الجديدة التي فرضت نفسها.

الذكاء الاصطناعي

وتفاعل الحضور بموجة تصفيق حارة للزميل الجاسم، على ما طرحه من تعريف للإعلام العربي عبر الذكاء الاصطناعي، حيث استعرض التحديات ومنها الرقابة اللاحقة والرقابة المسبقة والقوانين القمعية وملاحقة الصحافيين والناشطين، وتهديدات العنف والترهيب، والرقابة الاقتصادية منحاً وحجباً، والاضطهاد الاقتصادي، والتعتيم الإعلامي والقيود المفروضة على الصحافيين والتكميم الإعلامي وحملات التشهير، مختتماً بالقول: «لا فض فوك يا اصطناعي ولنعد إلى زيف الواقع من جديد».

جميل الذيابي: طوفان الذكاء الاصطناعي قادم

 

جميل الذيابي

 

هنأ رئيس تحرير جريدة «عكاظ» السعودية جميل الذيابي، الزميل ماضي الخميس على نجاح الملتقى لمدة 20 عاماً، مؤكداً أن المشكلة في أي وسيلة إعلامية تريد أن تنجح هو أن يكون لديها صناعة محتوى، وهو الضمان لاستمراريتها.

وبيّن الذيابي أن «من يظن انه يعيش في غرفة مغلقة فهو مخطئ، فأدوات الإعلام اليوم تفاعلية وتشاركية وجمهور مستهدف بعد أن كانت المصداقية والموثوقية والمهنية».

ورأى الذيابي أن «طوفان الذكاء الاصطناعي قادم، والـ15 موظفاً سوف ينخفضون في الصحيفة إلى 5 فقط، فنحن نحاول أن نرسم شيئاً والمستقبل يرسم شيئاً آخر، وإما أن نواجه هذه التحولات بكوادر مدربة أو نظل على حالنا، فالعالم المتطور لا ينتظر أحداً وقطاره يسير بسرعة قصوى»، مؤكداً أن مهنة الإعلام ثابتة والوسيلة فيها متغيرة، ومن لا ينهض لمواجهة التغيرات فيها فعليه أن ينام في بيته ويترك الإعلام. «الأزمة الحقيقية للإعلام العربي هي أزمة حريات»

حاتم الطائي: العاملون في مؤسساتنا تقلصوا إلى 15

 

حاتم الطائي

 

أكد رئيس تحرير جريدة «الرؤية» العمانية حاتم الطائي، أنه خلال 20 عاماً مضت، ومع ظهور الإنترنت بدأنا ندخل مرحلة جديدة، حتى انتقلنا الى مفهوم الإعلام الرقمي وتجاوز مفهوم المؤسسات التقليدية التي هيمنت على الخطاب الإعلامي لمدة 150 سنة.

وقال الطائي: «نحن لا نعرف الإيجابيات والسلبيات في هذا التحول. مؤسساتنا الإعلامية كان فيها مئات العاملين والآن مؤسسة رشيقة لا يتجاوز موظفوها 15 شخصاً، لكن يقدموا أخباراً مهنية بمهارة أكثر».

وأضاف «الآن لم نعد نقرأ الصحف الورقية وهي مسألة وقت لتتوقف، لا يوجد قراء ولا معلنين ولا مشتركين».

أحمد خطابي: الخبر يقتل الخبر في أقل من ثانية

 

أحمد خطابي

 

وصف الأمين العام المساعد لقطاع الإعلام والاتصال في جامعة الدول العربية السفير أحمد خطابي الملتقى الإعلامي، بأنه لحظة ميلاد لقصة نجاح، وهي ترتبط بالاستمرارية، وهناك إسهامات مشرقة للملتقى وفعالة في إثراء النقاش حول الإعلام ومستقبله، والدليل أنه بعد 20 عاماً على هذه المسيرة الوضاءة نلتقي للحديث مع هذه الوجوه الطيبة حول كيفية الارتقاء بالإعلام العربي.

وبيّن أن هناك نحو 5 مليارات مستخدم لشبكة التواصل الاجتماعي، حيث 100 مليار رسالة واتساب في اليوم و5 مليارات عملية بحث في غوغل. تخيلوا هذا التدفق الإعلامي الذي أصبح الخبر فيه يقتل الخبر الآخر في أقل من ثانية.

من الملتقى

تجارب شبابية مع التنمّر

استعرضت أطياف شبابية تجاربها في الصحافة الإلكترونية، وهم: شهاب الهاشمي من الإمارات – مريم باشات من لبنان – آلاء بشناق من الأردن- فرح ياسمين من الجزائر- حوراء الفارسية من عمان- أسامة النعسان من سورية. وأدارت الجلسة الإعلامية بيبي الخضري. واستعرض المشاركون تجاربهم في الديجيتال وفي وسائل التواصل، مؤكدين «التعرّض لبعض التنمّر في البداية، ولا يهمنا عدد المتابعين بقدر محبة الناس وثقتها في ما نقدم».

صحافة الشارع

أبدى الإعلامي الأردني عامر الرجوب، إعجابه بما طرحه رئيس التحرير الزميل وليد الجاسم، من تعريف الإعلام العربي في الذكاء الاصطناعي، مؤكداً أن مصادر الإعلام كثيرة ويجب الأخذ بصحافة الشارع.

هالة سرحان: نحن مَنْ يصنع السقف

قالت الإعلامية هالة سرحان، إن القارئ أو المشاهد في السابق كان سلبياً لا يستطيع الرد، أما اليوم في ظل الذكاء الاصطناعي الذي وصل بقوة، فإننا مقبلون على مرحلة جديدة من المواجهة في زمن الرقمنة والديجيتال. وأضافت: «كدول عربية أصبح مستقبلنا خلفنا، نفكر في طريقة كيف نحدد السقف. وفي الحقيقة نحن مَنْ يصنع السقف، فالإعلام الحكومي له سقف ولا ضير في أن يحدد سياسة الدولة».

لبنان بعد قطر

قال وزير الإعلام اللبناني زياد مكاري، إن الإعلام والسياسة يكملان بعضهما، ويُشكّلان في مكان ما وحدة، مبيناً أن لبنان الدولة الثانية في سقف الحريات بعد قطر، ولدينا تفهم في أن هناك حدوداً للكلمة فالحرية قد تخلق فوضى كبيرة. وبيّن أنه في «قانون الإعلام الجديد فصلنا كلياً بين المؤسسات الإعلامية والسوشيال ميديا».

الحرب الأوكرانية كشفت الكثير

قال مستشار ملك البحرين نبيل الحمر، إن هناك مبالغة لمَنْ يعتقد بأن الغرب لديه حرية تعبير. وأوضح أن الحرب الروسية - الأوكرانية كشفت الكثير، فالحديث عن أيّ مكاسب روسية في الحرب غير مسموح في الغرب، الذي يدّعي بأنها حام للحريات.

قوة الإعلام من الحرية

استشهد رئيس تحرير جريدة «الجزيرة» السعودية خالد المالك، بكلام رئيس التحرير الزميل وليد الجاسم عن الحريات، مؤكداً أن «قوة الإعلام تبدأ كما قال الجاسم من الحرية، لكن نريد حرية غير منفلتة تساعد على تحقيق رغبات الشعوب، ولا تؤدي في الوقت نفسه إلى انهيار دولنا».

الإعلام... مصداقية

أفاد الأستاذ المشارك في جامعة أبوظبي أنس النجداوي، بأنه لا يمكن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي بنسبة 100 في المئة، مشيراً إلى حاجة الإعلام الى المصداقية في نشر الخبر او المحتوى.

كما اعتبرت رئيسة التحرير المديرة العامة في جريدة «النهار» اللبنانية نايلة تويني، ان الذكاء الاصطناعي يُساهم في إنجاز الأعمال في المؤسسات، مشيرة الى أن المؤسسة الإعلامية تهتم بتحري مصداقية الأخبار، حتى لا تفقد مصداقيتها في المجتمع.

مهام أكثر... وكُلفة أقل

رأى صانع محتوى تقني نواف السويدي، أن «تأثير الذكاء الاصطناعي سيكون إيجابياً، خصوصاً مع دخول شباب إعلاميين جُدد إلى المجال»، لافتاً إلى إتاحة الذكاء الاصطناعي للإعلاميين القيام بمهام أكثر وكلفة أقل.

فلترة المعلومات

قال الأستاذ المشارك بقسم العلوم بكلية التربية الأساسية في جامعة الكويت الدكتور محمد ربيع، إن «الثورة الصناعية الرابعة، بما فيها الذكاء الاصطناعي ستؤثر علينا كبشر، فالذكاء سيُساعد الإعلامي والمتلقي على فلترة المعلومات التي يحتاج معرفتها».

المقياس ليس بعدد المتابعين

توقف المؤثرون في صناعة المحتوى عند ضرورة عدم التعامل مع معيار عدد المتابعين، كمقياس يعكس مدى نجاح صانع المحتوى، وشددوا على توحيد الجهود لتحقيق الاستفادة القصوى من صناعة المحتوى على وسائل التواصل وتوجيهه لطرح قضايا الرأي العام وخلق بيئة تتفاعل والأحداث والواقع بإيجابية بنّاءة.

 

جميع الحقوق محفوظة