السبت 28 يناير 2023

«العاجل»... التقدير للحكومة والرقابة للقضاء

«العاجل»... التقدير للحكومة والرقابة للقضاء

«العاجل»... التقدير للحكومة والرقابة للقضاء

أجمعت الآراء الدستورية على أن «العاجل من الأمور» يعود تقديره للحكومة المستقيلة لضمان استمرار تسيير المرافق العامة بانتظام، بما في ذلك حضورها أيّ جلسات لمجلس الأمة، ومرد ذلك إلى أن الدستور لم يُحدّد المواضيع التي تندرج تحت مفهوم «العاجل»، كما لم يُحدد أيضاً عمراً معيّناً لحكومة تصريف العاجل من الأمور، فيما تبقى الرقابة للقضاء الإداري.

وقال الخبير الدستوري الدكتور محمد الفيلي لـ«الراي» إن «مبرر وجود الحكومة في الدولة هو تلبية الحاجات العامة من خلال إدارة المرافق العامة والضبط الإداري، كما أن لها وظائف أخرى أبرزها إدارة علاقة الدولة بالدول الأخرى، وإدارة علاقة الحكومة بالسلطات العامة الأخرى».

 

وأوضح أنه «لا تخلو الدولة من حكومة، فإذا استقالت أو أُقيلت، يظل التزامها بأداء واجباتها ومهامها قائماً، لكنه يتحوّل من أداء كل وظائفها إلى أداء العاجل منها فقط، إلى حين تسلم الحكومة الجديدة زمام الأمور».

وإذ أشار إلى أن «بعض الدساتير تُنيط الحكومة إدارة الأمور المعتادة وبعضها يحصر مهمتها بإدارة العاجل من الأمور»، تساءل الفيلي: «هل نطاق الاختصاص يُصبح أوسع ربطاً بالمصطلح»؟، ثم أجاب: «من وجهة نظري نعم، فاستمرار الدولة من الأمور المعتادة وتحقق هذا الاستمرار أمر عاجل لا يحتمل الانتظار».

وأضاف: «وعليه يكون الأمر العاجل يتضمن الأمر المعتاد ويتجاوزه، فيصبح العاجل كل تسيير للمعتاد من أمر الدولة، وكل ما يتجاوز ذلك إذا كان الانتظار في اتخاذ القرار يُلحق بالدولة ضرراً أو يفوّت عليها كسباً».

وتابع موضحاً: «إذا أخذنا بالفهم السابق، سيكون السؤال مَنْ الذي يُقدّر أن هذا الأمر عاجل؟ منطقياً مُتخذ القرار، لأنه لا يستطيع أن يُمارس اختصاصه قبل تقرير أن الأمر عاجل».

بدورها، قالت الخبيرة الدستورية الدكتورة حنان الدغيشم إنه «وفقاً لنص المادة 103 من الدستور، إذا استقالت الحكومة لأيّ سبب من الأسباب فإنها تستمر في تصريف العاجل من الأمور، وذلك كضمانة لاستمرار تسيير المرافق العامة بانتظام».

وأكدت أن «الدستور لم يُحدد المواضيع التي تندرج تحت مفهوم العاجل من الأمور، وترك الأمر للسلطة التقديرية للحكومة على أن يتم ذلك تحت رقابة القضاء، لذا تملك الحكومة مباشرة كل الاختصاصات التي ترى أنها ضرورية ومن العاجل من الأمور».

وأوضحت الدغيشم أن «الحكومة تملك أيضاً حضور جلسات مجلس الأمة، متى ما قدّرت هي والمجلس أن ذلك من العاجل من الأمور»، مشيرة إلى أن «الدستور لم يُحدّد عمراً مُعيناً لحكومة تصريف العاجل من الأمور».

التعيينات غير مستعجلة... والمناقصات والدفعات حسب الضرر

أوضحت مصادر حكومية أنه «لا توجد قائمة محددة بالأمور العاجلة وغير العاجلة، وتحديد هذا الأمر يخضع لتقدير الوزير المختص».

وقالت المصادر لـ«الراي» إن «من ضمن الأمور التي تدخل في دائرة غير الاستعجال، تسكين الوظائف القيادية والإشرافية مع الإبقاء على باب النقل والندب الداخلي مفتوحاً، خلال المُدد الزمنية التي تُحددها كل وزارة».

وأضافت أن «توقيع عقود المناقصات والدفعات المالية تخضع لتقدير الوزير، بمعنى إذا كان سيترتب على تأخير توقيع عقد مناقصة ضرر ما على مصلحة الوزارة فالتوقيع يُعتبر أمراً عاجلاً، والعكس صحيح».

لا سوابق قضائية

رداً على سؤال عن انفراد مُتخذ القرار بتقدير «الأمر العاجل»، قال الفيلي: «في الواقع نحن بصدد قرار إداري ومشروعية القرار ترتبط بسلامة محله وسلامته من عيوب تجاوز نطاق الاختصاص»، مشيراً إلى أن «فحص مشروعية القرار منوط بالقاضي الإداري الذي يفحص كل قرار عندما يطعن فيه ويمحّصه من حيث سلامته».

وأضاف: «هل صدر عن القضاء الكويتي أحكام تمدّنا بمعايير تطبيقية؟ على حد علمي لم يصدر عن القضاء الكويتي أيّ حكم في هذا الموضوع، لعدم الطعن أمامه بقرارات إدارية، استناداً لمخالفتها حدود العاجل من الأمور».

جميع الحقوق محفوظة