الأربعاء 05 يوليو 2023

«موديز»: الفجوة تتنامى بين الكويت ودول الخليج في الإصلاح المالي

«موديز»: الفجوة تتنامى بين الكويت ودول الخليج في الإصلاح المالي

«موديز»: الفجوة تتنامى بين الكويت ودول الخليج في الإصلاح المالي

أفادت وكالة «موديز» لخدمات المستثمرين بأنه على الرغم من حدوث صدمتين حادتين في أسعار النفط منذ عام 2015، أظهرت حكومة الكويت قدرة محدودة على التحكم في الإنفاق أو خفضه لكبح عجز المالية العامة.

ولفتت الوكالة في تحليل ائتماني سنوي أن الكويت عانت من عجز مالي مستمر بين عامي 2015 و2021 -في بعض الأحيان كانت أسعار النفط ضعيفة أو كان إنتاج النفط مقيداً بتخفيضات «أوبك+»- بسبب هيكل الإنفاق الحكومي الصارم والمعارضة البرلمانية للتدابير الجديدة لزيادة الإيرادات، منوهة إلى تنامي الفجوة بين الكويت ودول مجلس التعاون الخليجي، بما في ذلك الإمارات والسعودية، في سير التقدم بالإصلاح المالي بشكل مطرد منذ صدمة أسعار النفط في 2015.

وأشارت إلى أن الإيرادات لا تزال معتمدة بشكل كبير على عائدات النفط، والتي تصل إلى 80-90 في المئة من إجمالي الإيرادات الحكومية وتؤدي إلى تقلبات في الرصيد المالي، مبينة أن التقدم في تنويع قاعدة الإيرادات غير النفطية كان بطيئاً للغاية، مدفوعاً جزئياً بالسياسة.

القيمة المضافة

وأضافت الوكالة: «يعد تنفيذ ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5 في المئة الذي جاء كرد على صدمة أسعار النفط على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي هو أكبر مقياس استكشفته الحكومة لجني العائدات، لكن مجلس الأمة لم يصادق بعد على المعاهدة التي تسبق أي تشريع لضريبة القيمة المضافة»، مستبعدة تطبيق ضريبة القيمة المضافة في الكويت خلال العامين المقبلين، حيث تظل أسعار النفط داعمة لذلك.

ورجحت «موديز» أن تكون الضرائب واسعة النطاق أقل شعبية مقارنة بالضرائب على الشركات، مشيرة إلى أن الحكومة كانت تعتزم أيضاً فرض ضرائب انتقائية على المشروبات المحلاة والتبغ، والتي من شأنها زيادة الإيرادات بنحو 25 في المئة من الإيرادات التي يتم جمعها من خلال تطبيق ضريبة القيمة المضافة، ولكن تم ترحيلها أيضاً من الجدول الزمني الأصلي للتنفيذ المقرر للسنة المالية التي انتهت في مارس 2021 (السنة المالية 2020).

ولفتت إلى أن الكويت تعتبر الوحيدة بين دول التعاون التي لم تفرض ضرائب انتقائية، والوحيدة إلى جانب قطر التي لم تطبق ضريبة القيمة المضافة.

من جهة أخرى، توقعت «موديز» أن تبلغ طاقة الكويت الإنتاجية للنفط 3.1 مليون برميل يومياً في نهاية عام 2023، ما يعزز آفاق النمو على المدى المتوسط.

ورجّحت الوكالة أن تؤدي الاستثمارات الرأسمالية المستمرة من مؤسسة البترول الكويتية إلى زيادة الطاقة الإنتاجية في البلاد إلى 3.5 مليون برميل في اليوم على المدى المتوسط، في حين أن الخطة الإستراتيجية للشركة هي زيادة الطاقة الإنتاجية إلى 4 ملايين برميل يومياً بحلول عام 2035.

ونوهت إلى أن المؤسسة تهدف في الوقت نفسه إلى زيادة إنتاجها اليومي الحالي من الغاز المصاحب وغير المصاحب بمقدار 1.9 مليار قدم مكعبة إلى 3.5 مليار قدم مكعبة بحلول عام 2030، مشيرة إلى أن إنتاج الغاز الطبيعي واجه صعوبات في مواكبة الاستهلاك المحلي، حيث إن الكويت مستورد صاف للغاز منذ عام 2009.

ولفتت «موديز» إلى أن الاقتصاد الكويتي لا يزال من أقل الاقتصادات تنوعاً في دول مجلس التعاون الخليجي، حيث يمثل قطاع النفط (الهيدروكربونات) ما يقدر بنحو 52 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي الاسمي وأكثر من 80 في المئة من الصادرات في عام 2022، منوهة إلى أن القطاع غير النفطي يعتبر منكشفاً على تقلبات إنتاج النفط والغاز أو أسعاره، لأن جزءاً كبيراً منه يعتمد على الحكومة، بشكل مباشر أو غير مباشر، من خلال توزيع مكاسب النفط عبر رواتب القطاع العام.

وأكدت الوكالة أن انخفاض مستوى التنويع الاقتصادي بعيداً عن النفط يؤدي إلى تقلبات كبيرة في نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، وخاصة الناتج المحلي الإجمالي الاسمي، خلال فترات تقلب أسعار النفط العالمية، مبينة أن التقلب في نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي يتفاقم جزئياً من خلال التنفيذ الدوري وإلغاء سقوف إنتاج «أوبك+».

وذكرت أن تقلب نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في الكويت خلال الفترة 2013-2022 كان أعلى نسبياً من نظرائه، على الرغم من أن «موديز» تعتقد أن الزيادة في التقلبات الناجمة عن الجائحة ليست سمة هيكلية للاقتصاد.

وترى الوكالة أن التنويع الاقتصادي سيظل يمثل تحدياً كبيراً للكويت، مدفوعاً بالعوامل الاجتماعية والسياسية التي تقيّد الفعالية المؤسسية والتنمية التي يقودها القطاع الخاص، موضحة على سبيل المثال، أن لدى القطاع العام بشكل عام ساعات عمل أقصر وأيام إجازة أكثر من القطاع الخاص.

وأضافت: «على الرغم من أن الحكومة تقدم دعم عمالة للمواطنين العاملين في القطاع الخاص لمعادلة الأجور، إلا أن الفروق في المزايا غير المرتّبة (ساعات العمل والإجازة مدفوعة الأجر) لا تزال كبيرة. ومن شأن هذا الاختلافات أن تثبط المواطنين عن العمل في القطاع الخاص»، مشيرة إلى أن القطاع الخاص يوظف بشكل رئيسي الوافدين، بينما يوظف القطاع العام في الغالب مواطنين كويتيين.

وأفادت «موديز» بأن البنية التحتية للكويت أقل تطوراً من نظيراتها إقليمياً مثل الإمارات وقطر، لافتة إلى أن التكويت ونقص الفنيين المهرة يقيّدان أيضاً تنافسية الاقتصاد وآفاق التنويع.

الجمود السياسي

وأوضحت «ميد» أن العلاقة بين الحكومة ومجلس الأمة كانت وما زالت متقطعة، ما يعيق قدرة المؤسسات على تنفيذ تدابير لتعزيز الإصلاحات الاقتصادية والمالية والتنويع، مضيفة أن النواب «مستقلون اسمياً ويميلون إلى التفضيلات السياسية المتباينة التي تشكل تحدياً للحكومة للتغلب عليها والتوصل إلى توافق في الآراء في شأنها، نظراً لغياب الأحزاب السياسية الرسمية».

ولفتت الوكالة إلى أن مجلس الأمة أوقف باستمرار التشريعات التي قد يكون لها تأثير على مستويات معيشة المواطنين، بما في ذلك معظم الإصلاحات المالية الرئيسية التي اقترحتها الحكومات المتعاقبة منذ صدمة أسعار النفط الأولى في عام 2015، وتشمل الإصلاحات المقترحة خفض فاتورة أجور القطاع العام، وتوسيع ضريبة الدخل على للشركات المحلية (حالياً فقط الشركات الأجنبية تخضع لضريبة دخل الشركات)، وفرض ضريبة القيمة المضافة والضريبة الانتقائية.

في غضون ذلك، لفتت «موديز» في تحليلها إلى أن خلاف مجلس الأمة يمتد إلى قضايا التمويل، إذ لا تزال التأخيرات في الموافقة على قانون الدين العام الجديد تحد من خيارات التمويل الحكومية، على الرغم من أن هذا يكون أكثر صلة عندما تواجه الحكومة عجزاً مالياً كبيراً.

احتياطيات ضخمة ومصدات مالية قوية

ذكرت «موديز» أن الوضع الائتماني للكويت مدعوم بالاحتياطيات المالية الضخمة بشكل استثنائي التي تمتلكها الدولة إلى جانب احتياطيات نفط وغاز هائلة بتكاليف إنتاج منخفضة، ومستويات دخل عالية للغاية.

وتوقعت أن تظل الميزانية العمومية للحكومة والمصدات المالية قوية للغاية في المستقبل المنظور، ما يدعم استقرار الاقتصاد الكلي والاستقرار الخارجي في البلاد.

لا إصلاح حقيقياً حتى تصبح علاقة السلطتين بنّاءة

تفترض «موديز» أنه لا يمكن تنفيذ أي إجراءات إصلاح رئيسية حتى تصبح العلاقة بين الحكومة ومجلس الأمة بنّاءة، مبينة أنه «مع ذلك، فإن وجود الهيئة العامة للاستثمار وخاصة صندوق الاحتياطي العام لتلبية متطلبات الإنفاق الحكومي وخدمة الدين في ظل عدم وجود خيارات تمويل أخرى يشير إلى بعض المصداقية المؤسسية في الحفاظ على الجدارة الائتمانية للكويت».

جميع الحقوق محفوظة