الثلاثاء 18 أبريل 2017

مطلّقات... بلا نفقة!

مطلّقات... بلا نفقة!

مطلّقات... بلا نفقة!

أن تكون طريد الحاجة والفقر والعوز، وهناك قانون يحميك، ويشد من أزرك، ويلبي بعضا من مطالبك، إن لم يكن جلّها، سؤال كبير يحتاج الى إجابة. أما الحاجة والعوز والفقر، فتلك كلمات محفورة على جباه بعض المواطنات المطلقات اللواتي يعشن خارج مظلة «صندوق تأمين الأسرة» المقرّ منذ سنتين، ويؤمن لهن متطلباتهن، لكنه للأسف، خارج عجلة التنفيذ، وليس له وجود على أرض الواقع، ومجرد حبر على ورق، على الرغم من نشره في الجريدة الرسمية للعمل به في المحاكم الكويتية. جولة واحدة في بعض المحاكم، تتمعن فيها في وجوه بعض المطلقات، الباحثات عن نفقاتهن، مع المعرفة بالقانون أو حتى دون المعرفة به كفيلة بأن تبين المحفور على الجباه، نتيجة عدم تطبيق القانون، ومكابرة الطليق وعناده، المكابرة على العيش طريدة العوز والحاجة وحتى الفقر، والتصميم على التعفف، حتى لو ثقلت موازين المعيشة، والحاجة الى الانفاق على أبناء لا ذنب لهم في ما يكابدونه من حاجة. وقال المحامي خالد بوجروه، إن من أعظم لحظات الحياة، تلك اللحظة التي ينظر فيها الناس الى مجتمع ما نظرة الرقي والتقدم، لافتا الى أن الرقي والتقدم لا يقاسان الا بمدى التزام جميع أفراد المجتمع بالواجبات التي فرضها القانون من ناحية، وتمتع أفراد المجتمع بالحقوق التي كفلها الدستور والقانون من ناحية اخرى. وأشار بو جروه الى أنه منذ سنتين تقريبا صدر القانون رقم 12 لسنة 2015 وهو القانون المتعلق بانشاء محكمة الأسرة، وان من أروع ما تضمنه هذا القانون، هو نص المادة (17) والتي نصت على أن ينشأ (صندوق تأمين الأسرة) ويتبع وزارة العدل، وتتكون موارد الصندوق من مبلغ تخصصه الدولة سنويا له، ومن التبرعات والهبات غير المشروطة. ولفت الى أن هذه الموارد تخصص لتنفيذ الأحكام والقرارات الصادرة من محكمة الأسرة، بتقرير نفقة للزوجة أو المطلقة أو الأولاد أو الأقرباء، على أن يتم التنفيذ طبقا للقواعد التي تحددها اللائحة التي تصدرها وزارة العدل بالتنسيق مع المجلس الأعلى للقضاء، والتي تنظم إدارة الصندوق وكيفية الصرف منه والرجوع على المحكوم عليهم بما يتم صرفه مع الأعباء والتكاليف اللازمة. وأضاف بوجروه أنه كان غاية في السعادة عندما قرأ هذا النص، لما فيه من كفالة ورعاية للأسرة بكاملها من قبل الدولة، وذلك بغض النظر عما تبذله الدولة من جهود أخرى عن طريق وزارة الشؤون، او عن طريق ادارات الدولة الأخرى ذات الصلة. وتدارك: لكن سرعان ما تبددت هذه السعادة، عندما علمت أن هذا الصندوق المخصص لتأمين الأسرة ليس له وجود في الواقع، وان النص المذكور مازال حبراً على ورق ولم يدخل حيز التنفيذ حتى الآن، على الرغم من مرور أكثر من عامين على نشر هذا القانون في الجريدة الرسمية والعمل به في المحاكم الكويتية، علاوة على أنه حتى الآن لم يتم تحديد اللائحة التي تنظم سريان هذه المادة وكيفية ادارة هذا الصندوق، والسؤال الذي يطرح نفسه هو: الى متى ستظل هذه المادة المتعلقة بانشاء صندوق الأسرة حبراً على ورق؟ وهل سيطول الانتظار؟ خصوصا ون هناك الكثيرات من المطلقات قد تركن بلا نفقة مع أولادهن، على الرغم من صدور أحكام قضائية بالنفقة ضد الطليق، وتعذر تنفيذ الأحكام بسبب العناد والتعسف والنكاية من ناحية، او بسبب الاعسار أو لأي أسباب أخرى، لكن أياً كانت الأسباب في عدم الانفاق وعدم تنفيذ الحكم الصادر بالنفقة، يجب عدم نسيان أن الدولة تكفل الأسرة وتقوم على رعايتها وحمايتها بدلاً من أن تكون طريدة للفقر والعوز والحاجة. و قال بوجروه «حسبنا في هذا التقدير ما جاء في نص المادة (11) من الدستور الكويتي، والتي نصت على أن (تكفل الدولة المعونة للمواطنين في حالة الشيخوخة أو المرض أو العجز عن العمل، كما توفر لهم خدمات التأمين الاجتماعي والمعونة الاجتماعية والرعاية الصحية)، كما جاء في المادة العاشرة أيضاً (ترعى الدولة النشء وتحميه من الاستغلال وتقيه الإهمال الأدبي والجسماني والروحي)». ولم يتخل المحامي بوجروه عن تفاؤله بتفعيل وتنفيذ القانون، وتفعيل دور الصندوق من أجل الحفاظ على الأسرة وكيانها وحمايتها والأخذ بيدها نحو الرقي والتقدم، موجها التحية الى هذا المشروع الوطني، وإلى رجال القضاء القائمين على تفعيل وتنفيذ هذا القانون والعمل به. وفي بعض المحاكم، التي كانت لنا جولة بها لاستجلاء الأمر، لم يخرج الواقع الذي تعيشه بعض المطلقات، عن الواقع الذي حدثنا به المحامي بوجروه، حيث جأرت مواطنات مطلقات بالشكوى، وهن إذ تحصلن على أحكام، لكن عند التنفيذ تبين لهن عدم وجود لهذا الصندوق، وبالتالي عدم صرف اي مبالغ لأي مواطنة تحصلت على حكم بالنفقة. تقول إحداهن، وهي مطلقة ولديها ابنتان: «أنا لا أعلم شيئاً عن هذا الصندوق»، لافتة الى ان الدولة «لابد وأن تكون لها وقفة حاسمة لتفعيل دور الصندوق لحماية الأسرة حماية كاملة ورعايتها». واكدت أن «هذا الصندوق لابد وأن يشار اليه في كل الصحف ووسائل الاعلام، حتى يكون جميع المعنيين على علم به، وعلى ذلك يتصرفن». وذكرت المواطنة أن الكثيرات من صديقاتها المطلقات لا يعرفن فائدة هذا الصندوق، اذ انه بحاجة الى التعريف به لمساعدة الطلقات المحتاجات، خصوصا منهن اللواتي لا يعملن وليس لهن أي مصدر للدخل. مواطنة أخرى مطلقة، قالت إنها بقيت معلقة لحين صدور حكم بطلاقها على مدار خمس سنوات، لم تحصل خلالها على أي نفقة بسبب عناد الطليق، فتراكمت عليها الديون، لأن دخلها لا يكفي لمعيشتها والصرف على أربعة أبناء، متسائلة: «الى متى سنبقى محرومات من الحصول على حقنا الذي يجيزه القانون، ومن المسؤول عن تراكم ديوني وعن الحاجة التي حلت بي وبأبنائي، وهل أبقى ومثيلات طريدات للفقر والعوز والحاجة؟ سؤال يستحق الإجابة عنه».

جميع الحقوق محفوظة