الاثنين 27 فبراير 2023

النصب العقاري... رهان على ضعف الثقافة الاستثمارية للضحايا

النصب العقاري... رهان على ضعف الثقافة الاستثمارية للضحايا

النصب العقاري... رهان على ضعف الثقافة الاستثمارية للضحايا

يعتبر القطاع العقاري من أهم القطاعات الاستثمارية، باعتباره من الاستثمارات المنخفضة المخاطر وشبه مضمونة الربح، بجميع أنواعه، مقارنة بالقطاعات الأخرى، فوجود أصل قائم بحد ذاته يشكل عاملاً مهماً بالنسبة للكثير من المستثمرين.

ويعتبر القطاع مربحاً جداً بالنسبة للشركات أو للأشخاص المحتالين، إذ تعرَّض مستثمرو هذا القطاع طوال السنوات الماضية للعديد من عمليات النصب والاحتيال، وتكبَّدوا خسائر بمئات الملايين، سواء داخل الكويت أو خارجها.

«الجريدة» ترصد في هذا التقرير، كيف تمت عمليات النصب العقاري طوال السنوات الماضية، والأشكال والطرق التي اتبعها المسوِّقون أو الشركات في الاحتيال، إذ إن أشكال النصب العقاري تأتي عديدة ومختلفة، فهناك شركات أخلَّت ببعض بنود العقود المبرمة بينها وبين المستثمرين، وهناك مَنْ باع الوهم ولا يوجد عقار على أرض الواقع.

ويعتمد المُحتال لإتمام عملية النصب على ضعف الثقافة الاستثمارية العقارية لدى العامة، الذين يفتقدون الخبرة، ولا يدققون على بنود العقود المبرمة بينهم، إضافة إلى استغلالهم ضعف الرقابة لدى الجهات الحكومية، إذ كان هناك تسيب واضح في مراقبة المشاريع المطروحة في السوق.

ومن أبرز أشكال النصب العقاري، بيع عقارات بدول متقدمة، مثل أميركا وأوروبا، وبأسعار مغرية، ليتم الاكتشاف لاحقاً أن تلك المنازل تقع في أحياء لا يستطيع العيش فيها، إما لعدم وجود خدمات، أو لوجود عصابات أو متطرفين يسيطرون على تلك الأحياء، وقد وقع العديد من المواطنين في هذا الكمين.

وفي هذه الحالة يكون الوضع القانوني للشركة البائعة أو المسوِّقة لهذه المشاريع سليماً، حيث بالفعل قامت بتوفير ما تم الاتفاق عليه وفق العقود المبرمة، ولم تخل بأي بند من البنود الواردة، واستغلت بهذه الحالة عدم تدقيق المشتري على العقار وموقعه

ومن بين أشكال النصب أيضاً، بيع عقارات لا تورث، أو لا يستطيع بيعها إلا بعد مرور فترة من الزمن، أو عليها ضريبة عالية من الدولة، وهنا يستغل المسوِّق عدم دراية العميل بقوانين الدولة التي يقع فيها العقار.

كما تم بيع عقارات بأرخص الأثمان لأراضٍ زراعية، وإقناع المستثمر بأنها قابلة للتحول إلى أراضٍ سكنية، وهذه تُعد واحدة من أكبر الخدع التي وقع فيها المستثمرون عند شرائهم للعقارات، خصوصاً في المملكة المتحدة، إذ إنها غير قابلة للتحول، أو فترة التحول قد تمتد إلى ثلاثين عاماً، إضافة إلى أن تكاليف تحولها تكون باهظة.

وهناك مَنْ باع مشاريع عقارية على الورق، ولا أصل لوجودها، وهناك مَنْ قام ببيع عقارات بأسعار مرتفعة، مستغلين عدم وجود معلومات كافية لدى المستثمر عن الأسعار الحقيقية في الدولة الواقع بها العقار، وأيضاً مَنْ قام ببيع عقارات بمواصفات تختلف عن المتفق عليها مسبقاً، إضافة إلى بيع عقارات على المخطط، أو مشاريع قيد الإنشاء، وبعد تسلُّم عدد من الدفعات يتم إعلان تعثر الشركة وإفلاسها، وهذا يُعد من عمليات النصب الدارجة، إذ يتم إقناع المستثمر بأنه في حال انتهاء المشروع سيرتفع سعره أضعافاً خلال فترة وجيزة، وغيرها الكثير من الحالات

وتتم عملية التسويق والإقناع للمستثمر عن طريق عدة أساليب، منها حشد قيادات سابقة وأسماء لامعة لإقناع المستثمرين أصحاب السيولة والباحثين عن الأرباح العالية لشراء العقارات، إذ إن وجود اسم شخصية اقتصادية أو سياسية على رأس هرم الشركة عامل مطمئن لدى الكثيرين من المستثمرين، وهذا ساهم بشكل كبير في دعم ثقة الشركة.

وأيضاً قامت الشركات بتكثيف إعلاناتها عن طريق مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي، لإغراء المشترين، وإعلان عوائد تصل إلى أكثر من 20 في المئة، وهذه نسبة مغرية جداً لأصحاب رؤوس الأموال، إضافة إلى الإغراءات الكبيرة في ملف التشغيل والصيانة والعوائد الممكن تحقيقها من الاستثمار.

ومن أهم عوامل التسويق والإقناع، التسهيلات التي تمنحها الشركة في عمليات سداد الإموال لأقصى درجة ممكنة، بغية الحصول على «دفعة»، إضافة إلى إرسال الصور والمقاطع عن المشروع وإطلالاته الخيالية.

وتلتف الشركات على القوانين والقرارات عبر توفير مستندات منقوصة عن العقارات المعروضة للبيع، أو إقناع العميل بشراء عقار غير مطروح في المعرض، أو صياغة العقود وتحميلها تأويلات مليئة بالثغرات.

كما أن الجهات المعنية لا تتدخل في التفاصيل الدقيقة للعقار، وتقع المسؤولية الأكبر على صاحب رأس المال، للتأكد من موقع وسلامة العقار وقوانين الدول المنظمة لعملية التملك للأجنبي، وغيرها من التفاصيل.

وتشير البيانات المتوافرة غير المحدَّثة إلى أن إجمالي عدد المتضررين من النصب العقاري تجاوز 11 ألف مواطن بقيمة تجاوزت المليار دولار، عن طريق المعارض العقارية وعدد من الشركات ذات المسؤولية المحدودة.

ويقول أحد المحامين المختصين في قضايا النصب العقاري، إن أصل الجريمة يكمن في تهريب الأموال إلى الخارج، أي أنها عمليات غسل أموال عن طريق القطاع العقاري، فحين يرفع المستثمر قضية على الشركة، ويكسب الحُكم، يكتشف أن حسابات الشركة فرغت بالكامل، وتم تحويل جميع الأموال إلى الخارج.

 

 

 

جميع الحقوق محفوظة