الخميس 26 مايو 2022

لبنان... إما صدمة إيجابية كبرى وإما تَعاظُم «صعقات» الدولار

لبنان... إما صدمة إيجابية كبرى وإما تَعاظُم «صعقات» الدولار

لبنان... إما صدمة إيجابية كبرى وإما تَعاظُم «صعقات» الدولار

شبّهت أوساط واسعة الاطلاع في بيروت المرحلة الأعتى من الانهيار المالي التي بات لبنان في «عيْنها»، بـ «عملية تعذيب بالصعقات الكهربائية» سيبقى الشعب اللبناني أسيرَها ما لم تَحْدث صدمة سريعة وبـ «حمولةٍ إيجابيةٍ» عالية مشحونة بمؤشراتِ تغيير فعلي تتصل بمختلف جوانب «العاصفة الكاملة» التي ضربت «بلاد الأرز» بعدما انقطع بها «حبل الأمان» الذي لطالما وفّره لها الخارج وفي مقّدمه دول الخليج العربي التي لم تنفكّ تقارب الواقع اللبناني من زاوية شاملة يتلازم فيها الإصلاح التقني مع السياسي ذات الصلة بمستوى تمكين «حزب الله» داخلياً وأدواره الإقليمية.

ولم تَهْنَأ بيروت بالانتخابات النيابية ونتائجها التي وضع معها لبنان «رِجْلاً» في حقبة تغييرٍ «معلَّق»، بعدما «انقضّ» عليها الانهيار الكبير بـ«مخالبه» الأكثر فتْكاً، مُنْذِراً بدخول البلاد وشعبها «مطحنةً» معيشية يُخشى أن تتحوّل ولّادة اضرابات اجتماعية وربما أمنية، تُدار على وهجها محطات دستورية مفصلية مثل الحكومة الجديدة ثم الانتخابات الرئاسية (تنتهي ولاية الرئيس ميشال عون في 31 أكتوبر)، بعدما سلّم الجميع بأن معاودة انتخاب الرئيس نبيه بري على رأس مجلس نواب 2022 للمرة السابعة على التوالي (منذ 1992) هي بمثابة «تحصيل حاصل» وضمن المهلة المنصوص عليها في الدستور والنظام الداخلي لمجلس النواب (15 يوماً من بدء ولاية البرلمان الجديد، أي حتى 5 يونيو المقبل).

وكانت المناخات تشي في هذا السياق، ومن خلْف الإشارات المتذبذبة في ما خص الموقف النهائي لـ «التيار الوطني الحر» سواء بترْك الحرية لنوابه للتصويت لبري أم لا، أو التصويت بالأوراق البيض (لتنضمّ إلى كتلةِ التغييريين والقوى السيادية والمستقلّين)، بأنّ زعيم «حركة أمل» المتمرّس في الحياة السياسية و«ألاعيبها» لن يكون في وارد لا مقايضاتٍ باتت «منتهيةَ الصلاحية» على استحقاقاتٍ (مثل الرئاسة الأولى) «قُلمت أظافر» أسماء بارزة فيها، ولا بطبيعة الحال تعطيل انطلاقة المؤسسة الدستورية التي يتولاها المكوّن الشيعي ريثما يستدرج عدداً أكبر من الأصوات «لن يعود أحد يعدّها أو يستعيدها بعد أيام قليلة».

وعلمت «الراي» أن «حزب الله» دخل، بعد تردد، على خط التفاوض غير المباشر بين حليفيه، الرئيس بري ورئيس «التيار الحر» النائب جبران باسيل، خصوصاً بعد انفجار المواجهة الإعلامية بينهما غداة أول إطلالة لباسيل بعد الانتخابات.

وفُهم من مصادر متابعة أن «حزب الله»، الذي أرهقه صراع B.B.، أي بري وباسيل، يسعى لضمان تصويت تيار باسيل أو بعضه على الأقل لمصلحة انتخاب بري تأميناً للحد الأدنى من «الميثاقية» والعدد المقبول للأصوات.

وقالت هذه المصادر لـ «الراي» إن التفاوض مع باسيل يشبه «سبر الأغوار» لمعرفة «جائزة الترضية» التي يريدها، وهو الذي كان اعتبر موقع نائب الرئيس والتفاوض عليه استصغاراً.

ورغم أن دوائر مراقبة استبعدت أن يكون باسيل أقر بتضاؤل فرصة وصوله إلى موقع الرئاسة الأولى لأسباب شتى، آخرها نتائج الانتخابات، فإنها لم تستبعد أن تكون المقايضة التي يريدها رئيس «التيار الحر» على صلة بالحكومة المقبلة وطبيعتها وتوازناتها.

وإذ رأت الدوائر عيْنها أن ما من أحد يمكنه الآن تقديم ضمانات ترتبط بالحكومة التي تتضافر في تشكيلها عواملُ عدة داخلية وخارجية، لفتت إلى أن أكثر ما يمكن أن يحصل عليه باسيل، الذي خرج ضعيفاً من الانتخابات، هو نيابة رئيس البرلمان وتفاهمات ترتبط بهيئة مكتب المجلس واللجان والملفات التي ستكون طَبَقاً رئيسياً في الورشة النيابية المقبلة.

لكن أوساطاً أخرى رأت أن حتى نيابة رئاسة المجلس لن تكون رهن تفاهمات «مضمونة»، باعتبار أن الغالبية النيابية (خارج ائتلاف «حزب الله» والتيار الحر) وإن كانت ستفرّقها الخياراتُ في ما خص انتخاب بري (نواب قدامى «المستقبل» وكتلة «التقدمي الاشتراكي» سيصوّتون له) إلا أنها ستكون أكثر قدرة على التوحّد بوجه أي مرشح لـ «التيار» (وسط تقارير عن أن باسيل يحبّذ ترشيح جورج عطا الله عوض إلياس بوصعب لهذا المنصب)، ما يرفع حظوظ آخَرين من الغالبية «المتنوّعة» التي يبرز بينها ملحم خلف (من النواب التغييريين) وأضيف له سجيع عطية (ترشَّح مع قدامى المستقبل في عكار ويُقال إنه قريب من نائب رئيس الحكومة السابق عصام فارس)، في حين لا تخوض «القوات اللبنانية» معركة لإيصال غسان حاصباني لأن الأولوية بالنسبة إليها هي لبناء جسورٍ بين مثلث القوى السيادية والمستقلين ونواب «انتفاضة 17 أكتوبر 2019».

وفي موازاة ذلك، وإذ كان يرتفع منسوب الارتياب الذي تعبّر عنه تقارير صحافية من «قطب مخفية» سياسية وراء الاحتراق اليومي لليرة أمام الدولار، وقد سجّل أمس رقماً قياسياً جديداً ما فوق 34 ألفاً و500 ليرة، وذلك بهدف وضْع «ثقّالات» في طريق مناخات التغيير التي أطلت من الانتخابات وإعلاء البُعد التقني للأزمة على «أصْلها» السياسي، لم يكن عابراً الموقف الذي عبّر عنه وزير الخارجي السعودية فيصل بن فرحان من الاستحقاق النيابي ونتائجه والذي عَكَس أن المملكة تتعاطى معه على أنه بمثابة «ضوء برتقالي» للتغيير أعطيت إشارته ولكن «انعطافة» الواقع اللبناني معه وفي اتجاهه تبقى رهناً بترجمات على صعيد «الإصلاحات الاقتصادية والسياسية».

فمن منتدى «دافوس 2022» تخوف بن فرحان من انهيار لبنان، داعياً إلى الإسراع بالإصلاحات من أجل تجنب ذلك. وإذ أكد أن الرياض معنية بعودة العملية السياسية في لبنان، اعتبر أن «موضوع حزب الله بيد اللبنانيين».

وحين سئل هل أرضتكم نتائج انتخابات لبنان وهل تعتقدون أن حزب الله خسر من أرضيته؟ أجاب: «في النهاية كان هذا قرار اتخذه الشعب اللبناني، وسبق أن قلنا رؤيتنا ووجهة نظرنا بأن على لبنان أن يقوم بتغيير، أما كيف يقوم بهذا التغيير فهذا يعود إلى الشعب اللبناني نفسه. وما حصل (نتائج الانتخابات) قد تكون إشارة قوية لتقدمٍ نحو المستقبل ولكن هذا يتوقف على القرارات التي ستتخذها القيادات السياسية في لبنان، وهل ستتطلع إلى المستقبل، وهل سنشهد إصلاحات حقيقية؟ إصلاحات اقتصادية؟ فهذه مهمة ولبنان يحتاج بقوة إليها. وهل سنرى إصلاحات سياسية تعيد فرض سلطة الدولة وتعود معها مؤسسات الدولة صاحبة الشرعية؟ ومحاربة الفساد بطريقة جدية؟».

وأضاف: «هل سيحصل ذلك، نأمل ذلك وسندعم هذا المسار إذا حصل. ولكن الآن قد تكون هذه خطوة إيجابية، إلا أن من المبكر جداً قول ذلك».

جميع الحقوق محفوظة